قراءة إسرائيلية لتقرير فينوغراد

خالد أحمد أبو حيط
abouhait@hotmail.com


وصف الكاتب الصهيوني، رئيس حركة "غوش شالوم"، يوري أفنيري، تقرير فينوغراد بأنه جزء من المشكلة وليس جزءاً من الحل.  جاء ذلك في مقال له تحت عنوان "جبنة سويسرية" في إشارة الى الهفوات والمغالطات والفجوات التي يتميز بها التقرير. وقد عدد أفنيري، من وجهة نظره هذه الفجوات على النحو التالي:

في البداية، فإن التقرير يتهم رؤساء الحرب الثلاثة: رئيس الوزراء أولمرت، ووزير الدفاع بيريتز، ورئيس الأركان المستقيل شاحاك بـ"الفشل" وليس بارتكاب "خطأ". ويميز أفنيري بين المصطلحين بالقول أن الفشل صفة تستخدم حين عدم التمكن من تحقيق الهدف، على خلاف الخطأ الذي يصف الفعل ذاته.. فاللجنة من هذه الجهة لا تنظر الى شن الحرب على لبنان وقتل ألف مدني فيه بأنه خطأ، بل بمجرد الفشل عن تحقيق الأهداف. ويعلق على ذلك بقوله أنها جريمة حرب بكل المقاييس.. ذلك أن الحرب، على حد قوله، يتم اللجوء إليها فقط للتعامل مع تهديد وجودي، وليس لمعاقبة مجتمع كامل بسبب وجود ميليشيا مسلحة مزعجة لإسرائيل.. (والمقصود هنا هو حزب الله).. ويتساءل أفنيري: ماذا يمكن أن نسمي قصف الجسور وقتل المدنيين دون مبرر واضح.. في هذه النقطة تصبح لجنة فينوغراد جزءا من العقلية المتحكمة بصناعة القرار الحكومي لأنه كان ينبغي عليها أن تناقش مبدأ الحرب بذاته لا التركيز على تقنيات العمل العسكري كما جاء في التقرير.

ويتساءل أفنيري عن الصدى الذي أثاره التقرير في هذه النقطة بالذات في المجتمع الصهيوني ليتساءل: ماذا استنتج الجمهور من هذه النقطة؟  إزاحة القادة الفاشلين واستبدالهم بآخرين يستطيعون تحقيق المهمة التي عجز عنها الثلاثي الفاشلون..

ويعيب أفنيري على التقرير إغفاله للزاوية الأخلاقية.. يقول: لماذا شن الثلاثي حرباً ضد لبنان؟  نظرياً من أجل إطلاق سراح جنديين مختطفين.  لكن إيهود أولمرت ذاته كان قد صرح على الملأ خلال الأسبوع أنه كان يعلم أن إطلاق الجنديين لم يكن ليتحقق من خلال الحرب. وهذا يعني– يستنتج أفنيري– بأنه قرر الحرب باختلاق كذبة قدمها للجمهور.. متبعاً نمط جورج بوش ذاته بحسب الكاتب.  ليستنتج إذ ذاك أن الحرب شنت دون أي هدف!!

يضيف أفنيري: اللجنة تتهم الحكومة بأنها لم تتفحص البدائل العسكرية لخطة رئيس الأركان. وهنا يمكن توجيه نفس الاتهام الى اللجنة: أنها لم تتفحص البدائل السياسية للحكومة عن الحرب.  كان يمكن للحكومة أن تناقش السبل السياسية للتعامل مع مسألة خطف الجنديين بدل أن تعيب على الحكومة عدم مراجعة المخططات العسكرية.

ويرى أفنيري أن الفجوة الأكبر في التقرير كانت عدم مناقشته للوضع الدولي الذي شنت الحرب في سياقه. فأولمرت لم يكن ليحلم بشن مثل هذه الحرب لولا الموافقة الأمريكية الصريحة والتي كانت واضحة منذ اللحظة الأولى. يقول أفنيري: لجورج بوش مصلحة في هذه الحرب: فقد كان (ولايزال) غارقاً في المستنقع العراقي، وهو يحاول إلقاء اللوم على سوريا. ولذلك فقد قرر توجيه صفعة قوية الى دمشق. كما أنه أراد كسر المعارضة اللبنانية، وتعزيز الوكيل الأمريكي (علفى حد وصفه) في بيروت. كان متيقناً أن ذلك سيكون بمثابة نزهة للجيش الإسرائيلي.

ويتساءل أفنيري: الى أي مدى أملى الأمريكيون على أولمرت شن الحرب ضد لبنان (دون التعرض للبنى التحتية لحكومة السنيورة)، ولإطالة أمد الحرب والقيام بهجوم بري في اللحظة الأخيرة؟ إننا لا نعرف ذلك.  

ويختم أفنيري بقوله: اللجنة تعيب على أولمرت وبيريتز افتقادهما لـ "الخبرة"، والمقصود هنا– يتابع أفنيري– هو الخبرة العسكرية بالطبع. هذا سيقود الى استنتاج بأن الديموقراطية الإسرائيلية لا يمكن توليها من قبل مدنيين وأنها تحتاج دوماً الى الجنرالات. وهذا بدوره سيفرض على المجتمع أجندة عسكرية.. ويصف أفنيري هذه الخلاصة بأنها أخطر ما جاء في التقرير.

ويستنتج أفنيري: إذا كان هذا هو حال التقرير، فإن ذلك سيؤدي الى نتيجة واحدة: تهيئة المجتمع الإسرائيلي لخوض حرب ثالثة في لبنان لتعويض "فشل" الحرب الثانية.