الغرب لم يحترم تعهداته
لا قواعد عسكرية على أراضي بلدان حلف فرصوفيا السابقة

 

أثناء قمة "الاتحاد الأوروبي- روسيا" أجرت صحيفة دوتشلاندفونك Deutschlandfunk، في 15-5-2007، مقابلة مع هانز- أولريتش كلوز Hans-Ulrich Klose نائب رئيس البعثة الألمانية لوزارة الخارجية. إليكم بعض المقتطفات من المقابلة.
كلوز: لبلدان أوروبا الشرقية تصور للتاريخ مختلف عن تصور موسكو، ما يؤدي إلى نزاع، خصوصاً في حالة إستونيا Estonie. وعليه أعتقد أنه من الضروري التريث، والحد من توقعاتنا، ومقاربة المسائل خطوة خطوة إن أمكن.
دوتشلاندفونك: ولكن، طالما أن موسكو تمنع تصدير اللحم البولوني، وتضغط على عضو في الاتحاد الأوروبي، مثل إستونيا، لمجرد أنه أزال نصباً سوفييتياً من وسط تالين Tallin، فهل يبقى من معنى للكلام على شراكة، لا سيما الشراكة الإستراتيجية مع موسكو؟
كلوز: في الحقيقة، يصعب عليّ الحكم في مسألة تصدير اللحم. حاولت التبصر في الأمر. يزعم الروس أن الشروط الصحية في بولونيا غير مستوفاة، ولكني لا أستطيع إبداء رأيٍ في ذلك. من الواضح أن هناك عقبات، ولا أدري إن كانت ستستمر. ولعل الروس بالطبع اغتنموا المناسبة لإزعاج البولونيين.
أما بخصوص إستونيا، فبوسعي أن أكون حاسماً. وأعتقد أن للحكومة الإستونية كل الحق في اتخاذ هذا القرار. نحن الألمان نعرف، من جهة أخرى، كم يتطلب من الحذر هذا النوع من المسائل. نحن نعتمد منهجاً آخر، ولكن وضعنا مختلف. لا أدري إن كنا سنتمكن يوماً ما من مقارنة رؤية الروس برؤية الإستونيين، إذا كان من الممكن مثلاً تكوين لجنة من المؤرخين. يضع الروس جانباً المرحلة الأولى من الاحتلال، ولا يأخذون بعين الاعتبار غير المرحلة الثانية، مرحلة الحرب ضد ألمانيا النازية. بينما الإستونيون لا يرون غير المرحلة الأولى التي عانوا منها بعد الحرب. إنها مسألة معقدة للغاية لا يمكن حلها بالعنف.
دوتشلاندفونك: تتحدثون عن تطرف موسكو في ادعاءاتها. فهل تعتقدون أن موسكو على استعداد للعودة إلى سياسة بناءة؟ ألا تبغي العودة ببساطة إلى تفوق يفرض بالوسائل القسرية؟
كلوز: هناك على الأرجح شيء من هذا القبيل، ولكني أعتقد أن الجانب النفسي هام، سواء لجهة القادة أو عامة السكان. وأعتقد أنه علينا، في الغرب، أن نتخلى عن الأوهام. فغالبية الروس العظمى توافق تماماً على السياسة الجديدة التي يتبعها القادة، لأنهم يشاركون، كما هو واضح، في صورة روسيا التي يرسمها بوتين. يعتبر الروس بلدهم قوة عظمى ويرغبون بمعاملته على هذا الأساس. ولقد مرّ وقت لم نتعامل فيه مع روسيا كما يجب، ولهذا فرد فعلهم الآن مفرط في عدائه للغرب. هنا أيضاً، علينا التأمل والعودة إلى معايير معقولة.
دوتشلاندفونك: يطلب الاتحاد الأوروبي من موسكو أن تضمن مستقبلاً ضمان تصدير الطاقة، وتوقيع اتفاق بهذا الصدد. فهل يمكنكم استبعاد تقديم تنازلات في موضوع احترام حقوق الإنسان، أم أن هذا قد حصل من زمن بعيد؟
كلوز: لا أعتقد بإمكان تقديم تنازلات حول حقوق الإنسان، لأن الاتحاد الأوروبي هو جماعة قيم، ولا يمكنه التنازل عنها. ولكن عليه، وهو يطالب موسكو بتوقيع ميثاق الطاقة، أن يأخذ بعين الاعتبار أن ثمة بلداناً أخرى مصدرة للطاقة لم توقع عليها بعد. ومنها النرويج على حد علمي. علينا، ونحن نستند إلى تجارب سابقة سادت فيها الثقة، محاولة محاورة الروس والتقدم بحجج على صلة بالمصالح المتبادلة. نحن لنا مصلحة بضمان حصولنا على موادهم الأولية، ولكن للروس أيضاً مصلحة بأن يتمكنوا من تصديرها. وعلى الصعيد النفسي، ليس من الفطنة أن يقول الغرب دوماً أنه يجب التخلي عن التبعية الأحادية ومدِّ شبكة للتزود بالطاقة تلتف حول روسيا. ضعوا أنفسكم مكان الروس؛ فهذا الأمر سيخلق حتماً الريبة عندهم.
دوتشلاندفونك: تثير الدرع الصاروخية نزاعات أيضاً خارج الاتحاد الأوروبي. ألا يعني ذلك أن على الاتحاد الأوروبي أن يبين لموسكو أنه لن يتسامح بالتدخل في شؤونها الداخلية؟
كلوز: نعم، ولكن هذا لا يؤدي إلى شيء، لأن روسيا على انطباع بأن حلف الأطلسي والولايات المتحدة يقتربان أكثر فأكثر من حدودها. ولا معنى للكلام بأن الدرع الصاروخية لا تؤثر في التوازن الإستراتيجي، لأن هذا غير صحيح. وإذا ما تم تركيب القواعد في بولونيا أو تشيكيا، ولعل ذلك قد يحصل قريباً في جيورجيا تبعاً لما يقال الآن، فإن روسيا سترد بطريقة معروفة تماماً. أضف إلى ذلك أنه مع نهاية الحرب الباردة، قيل أن حلف الأطلسي لن يتوسع إلى داخل بلدان حلف فرصوفيا، وبالتالي عدم إقامة قواعد عسكرية فيها، واليوم ثمة قواعد أميركية في رومانيا وبلغاريا، وهي ليست قواعد أطلسية بالطبع، ولكن الروس يعتبرون الأمر سيان سواء كانت القواعد أطلسية أو أميركية.
اتفاقية اثنان زائد أربعة
إن اتفاقية "اثنان زائد أربعة" (المتعلقة بالترتيب النهائي لوضع ألمانيا) التي وقعت عليها ألمانيا الاتحادية وألمانيا الديمقراطية وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفييتي تنص أنه، استناداً للقانون الدولي، لا يحق لأي قوات أجنبية، ولا قوات حلف الأطلسي، أن تتواجد على أراضي ألمانيا الشرقية. وحدها القوات الألمانية يُسمح لها بالتواجد هناك.
المادة 5-3 من الاتفاقية: "بعد انسحاب القوات المسلحة السوفييتية من الإقليم الحالي لجمهورية ألمانيا الديمقراطية وبرلين، يمكن لوحدات القوات المسلحة التابعة للحلفاء... أن تقيم على هذه الأراضي، ولكن باستثناء القوات النووية. وبالتالي لا يُطبق المنع على أنظمة السلاح التقليدية... ولا تتواجد في هذا القسم من ألمانيا قوات مسلحة بأسلحة نووية أجنبية".


المصدر: Horizons et débats, No 20, 29 mai 2007
ترجمة تطوعية: فريق العرب والعولمة