لماذا يجب التصويت لتيار العماد عون؟ 

 

البلد 15 حزيران 2005

نيقولا صحناوي


يقال في الأوساط البيروتية الكثير من الانتقادات للعماد ميشال عون الذي "فرق المعارضة" والذي "تحالف مع رموز النظام القديم". هذه الفرضية المتبناة من بعض "شخصيات" البريستول جرى تداولها من قبل معظم وسائل الاعلام. و الأكثر عجباً هو أن هذه المقولات اخذت على انها صحيحة من قبل اهل الفكر والبورجوازية البيروتية وكأن هذه الأخيرة فاقدة كل مقاومة ضد المعلومات المقدمة لها.


ان المعارضة ماتت يوم تحالف تكتل الحريري – جنبلاط مع تكتل بري – حزب الله لتأليف الحكومة الانتقالية، وللابقاء على قانون العام 2000 وتكوين تحالفات انتخابية في الجنوب وبيروت والشمال والبقاع وجبل لبنان (1). ان هذا التكتل الجديد حتى ولو انفتح على قسم من قرنة شهوان وعلى القوات اللبنانية فهو يمثل تحالفا سياسيا نجد صعوبة في وصفه معارضة حيث لا شيء يميزه عن النظام القديم الا غياب جماعة الرئيس اميل لحود.


ونذكر هنا انه عدا عن الاشهر الستة الأخيرة للرئيس عمر كرامي، فان تكتلات جنبلاط، الحريري وبري كانت ثلاثة من الاعمدة الاربعة للنظام المقرب من سوريا لفترة تقارب الخمسة عشر عاماً.


هذا البرهان الأكيد لا يأخذ في الاعتبار الاتفاقات المحتملة وغير المعلنة التي عقدت بين هذه التكتلات سواء للتجديد لرئيس المجلس أو لاختيار رئيس الجمهورية المقبل.


ليس هناك اذا الا بورجوازيونا اللطفاء للاعتقاد بان الجنرال "الشرير" جاء ليخون حلفاءه اللطفاء الذين قاموا بالكثير من اجل مصلحة البلد.. و الأكثر عجباً ان أصحاب هذه المقولة يصدقونها فعلاً.

 
القليل من صفاء الذهن يفيد ثقافتنا السياسية.


وبعيدا عن هذا التسويق السياسي الذي يطغى على شاشاتنا لا بد أن نسأل كيف نقترع بطريقة مفيدة؟ ان التصويت للتيار الوطني الحر هو الحل الوحيد لتكوين مقدمة لفتح الحلقة السياسية المغلقة امام الوافدين الجدد.


التغيير: لقد صوّت اللبنانيون في 14 آذار لرحيل السوريين ولكنهم صوتوا ايضاً للتغيير.


دخول التيار الوطني الحر (2) يمثل التغيير الوحيد الذي سيعرفه المجلس النيابي الذي سيكون قد استكمل في 20 حزيران الجاري ويجب على هذا القسم من المجلس، الذي سيظهر وجوهاً جديدة ومنهجا سياسيا جديدا، أن يكون بالعدد الأكبر الممكن.
على 128 نائباً مجمل حجم المجلس النيابي، فان 20 نائباً جديداً امر افضل من 10 الخ... . ان التغيير المنتظر من التيار هو تغيير في الشكل والمضمون. فمعظم كادرات التيار هم من الشباب، ولم يرثوا العمل السياسي، بل يتبنون التعاطي الاخلاقي في الشأن العام والذي يبشر به الجنرال وهذا شيء جديد في لبنان.


العلمانية: كان التيار الوطني الحر ينبذ دائماً الطائفية، الا انه خطا منذ عدة اشهر الى الأمام ليعرض اخيراً مشروع انصهار وطني. بعبارة أخرى تم اعتماد العلمانية التي تصقل الهوية الوطنية وتنبذ التبعية لمصلحة الوطن.لانه يكفي ان نكون قرأنا القليل عن تاريخ لبنان حتى نعرف مدى ضرر الطائفية ونميز مدى قدرة العلمانية على الإنقاذ.


إضافة إلى ذلك فان التيار مر بامتحان نبذ قانون الـ 2000. فبينما كان الإغراء كبيرا بلعب ورقة الناخبين المسيحيين الا أن الجنرال لم يقع فيها ولو للحظة مكتفيا بإدانة قانون يمنع التمثيل الصحيح.


مصلحة لبنان بدون تسويات: برهن الجنرال في الظروف الأصعب انه لا ينحني أمام الإرادة الدولية اذا كانت تعني التخلي عن سيادة لبنان.
 

الخلاصة هي انه في بلد حيث كل التكتلات السياسية "على السمع"ـ حتى لا نقول أكثرـ لرغبات القوى العظمى اليوم، وبالأمس وغدا للقوى الإقليمية، فان الضمانة التي تمثلها التكتلات التي لا تستمع الا الى الشعب ومصلحة الأمة، هي ضمانة لا تقدر بثمن.


لكل هذه الأسباب يجب على هذا التكتل الدخول الى المجلس النيابي، بل يجب ان يكون حجمه لا يستهان به لأنه بدون هذا الحجم لا يمكن أن يبدأ بالتغيير. وإذا نجح فسوف يكون منطلقا للدخول في الـ 2009 الى تكتلات واحزاب ذات اتجاهات مختلفة يمكن أن تنافسه ولكنها تتقاسم معه قضية نبذ الطائفية، والتمسك بالوطنية دون تنازلات كما تتفق معه بمبدأ الأخلاق السياسية.


وفي الختام يجب ملاحظة الوحدة التي لا تصدق لمجمل التجمعات السياسية ضد التيار الوطني، وإذا عنى ذلك شيئا ما فهو يعني مدى خوف النظام السياسي، الذي كان يحكم البلاد قبل السوريين، ومع السوريين، والذي سوف يحكمها بعدهم، من وافد جديد لا يشبهه بشيء والذي يمكن أن يعني بداية النهاية لحكمهم لمئويات عدة.


لن ينزل التغيير من السماء (ولا من الولايات المتحدة) انه الدرس الأول الذي يجب ان نحفظه بعد 14 آذار. يجب ان نستحق التغيير بالتصويت للتيار الوطني الحر يوم الأحد 20 حزيران (المقبل كما كان التصويت الأحد الماضي في 12 حزيران) .


(1) دون ان ننسى محاولة إعاقة عودة الجنرال من فرنسا وتشبيهه بالتسونامي وهو ما زال في الطائرة العائدة إلى لبنان.
(2) ماعدا بعض المرشحين المعروفين بصدقهم ووطنيتهم والذين لا يجدون أنفسهم بالضرورة في التيار العوني.

نيقولا صحناوي