تحت المجهر
أبرزها عودة فارس وانعكاسات إقامة الحريري في طرابلس
أربعة تطورات منتظرة في الساحة الشمالية

 

البلد 16 حزيران 2005

 

تترقب الساحة الانتخابية الشمالية أربعة تطورات منتظرة بدءاً من اليوم، ويرصد المراقبون انعكاساتها على الاستحقاق المفترض أن يختم مراحل الانتخابات النيابية اللبنانية، يوم الأحد المقبل في دائرتي الشمال.


التطور الأول يتمثل في معلومات عن عودة نائب رئيس الحكومة السابق، النائب عصام فارس، الى لبنان اليوم لمتابعة العملية الانتخابية في دائرة عكار ـــ بشري ـــ الضنية خصوصاً، وكامل الشمال عموماً. والمعروف أن فارس الذي كان أعلن قبل أسابيع عزوفه عن الترشح في بيان حمل فيه على الفاسدين والمفسدين في السياسة اللبنانية، أمضى معظم الأسابيع الماضية خارج لبنان، غير أن سلسلة مواقف شهدتها دائرة الشمال الأولى التي ينوب عنها، يبدو أنها دفعته الى الاهتمام مجدداً بالحدث الانتخابي والحضور المرتقب له بدءاً من اليوم الخميس، للمتابعة الكاملة للاستحقاق الذي كان ابتعد عنه.


لماذا يعود؟
وتكشف مصادر سياسية شمالية معارضة ان أطرافاً مناوئين لفارس، من خارج النطاق الشمالي كانوا دأبوا في الآونة الأخيرة على التصرف مع عزوفه عن الترشح وكأنه اعتراف مسبق بالهزيمة وتسليم بفوز أكيد لخصومه. وتشير الى أن هذه النغمة بلغت حداً من التحدي والاستفزاز والكيدية في التعاطي مع قواعد فارس الشمالية وحتى مع رموزها. وتتابع الأوساط نفسها ان فريق نائب رئيس الحكومة السابق حاول بعد غيابه متابعة حضوره السياسي غير المباشر في أكثر من منطقة، خصوصاً بواسطة بعض الرموز القريبين منه. فحضر السفير السابق عبدالله بوحبيب لبعض الوقت على الساحة المتن شمالية، كما حضر الدكتور بول سالم على الساحة الكورانية، اضافة الى حضور مباشر في مناطق عكار المختلفة. غير أن المفاجأة كانت حملة التطويق التي شنها البعض من فريق "لقاء البريستول" على الشخصيات القريبة من فارس والتي فاجأت الجميع، وساهمت في قرار هؤلاء الانكفاء عن الواجهة، أو حتى الاعلان المباشر عن العزوف.


هذا الأمر، أضيفت اليه رسائل أخرى مباشرة أكثر وبعيدة عن الاعلام، دفعت فارس بحسب المطلعين الى العودة للاهتمام بالواقع الانتخابي الشمالي، ولو من بعيد، والوقوف على مسافة قريبة من الدعم والتأييد للنائب سليمان فرنجية، وخصوصاً للعماد ميشال عون. ورغم التقلبات في التحالفات العكارية، بدا فارس ثابتاً في موقفه، ويتوقع كثيرون أن تكون له ترجمة واضحة في منطقة تدين له بولاء قسم لا بأس به من قاعدتها.
 

اقامة سعد في طرابلس
التطور الثاني يتمثل في الاقامة الدائمة للنائب المنتخب سعد الحريري في طرابلس. وهي اقامة تتضارب التوقعات حول نتيجتها، ففي حين يعتبر البعض انها قد تعوض بعض الوجود غير المحبب للرموز الحريرية الطرابلسية والشمالية، يعتقد آخرون بأن نتيجتها ستكون أكثر سلبية، اذ ستظهر وجه "التدخل الخارجي" في الشأن الطرابلسي من جهة، كما ستعيد تذكير الطرابلسيين بالصراع الحاد بين الفريق الذي ينتمي اليه الحريري الشاب، وبين الرئيس عمر كرامي قبل أشهر، والذي بلغ حد سوق الاتهامات العنيفة ضد الزعيم الطرابلسي الأشهر، والذي كان وقف على حياد ملحوظ حتى اللحظة، من الاستحقاق الدائر في عاصمة الشمال. والأهم ان وجود الحريري سيعيد تذكير الطرابلسيين بالموقف من قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي، مقارنة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، خصوصاً في ظل التحالف الوثيق بين الحريري والقوات اللبنانية.


ولذلك ينظر المراقبون بحذر وتردد حيال ما يمكن للحريري الابن أن يحمله الى الشمال دعماً لحلفائه في هذا الوقت بالذات، وسط تساؤل هؤلاء الحلفاء عما اذا كان ظهور سيد قريطم الى جانبهم يساعدهم في معركتهم، أم العكس، اختفاؤه الكامل يخفف عنهم بعض السلبيات.
 

استنفار القوات
والتطور الثالث استنفار السيدة جعجع جميع أنصارها من الجنوب والبقاع والجبل، للمشاركة في مهرجان انتخابي تقيمه تأييداً لترشيحها عن أحد مقعدي بشري في الدائرة الأولى لمحافظة الشمال. ومع العلم أن حضور هؤلاء من مناطق أخرى لن يزيد عدد المقترعين الشماليين غير أن ثمة من يعتقد أن جعجع تبدو في حاجة الى أي خطوة لاعادة التعويم بعد نتائج انتخابات الجبل والبقاع، حيث فشلت في تحقيق أي نتيجة ايجابية، واكتفت باقتناص مقعدين بواسطة أصوات وليد جنبلاط في الشوف وبعبدا. علماً أن شاغلي المقعدين ليسا من الكوادر القواتية المباشرة، وعلماً أيضاً أن الاقتراع المسيحي صب بنسبة ساحقة في اللوائح التي خاصمتها السيدة جعجع، أقله في الدوائر التي شهدت مواجهات انتخابية.


وتؤكد المعلومات ان استنفار جعجع انفتح على مبادرات مصالحة داخلية ومحاولات وساطات بينها وبين مجموعات قواتية كانت جعجع قد أبعدتها منذ أكثر من اربعة أعوام، وتحظى بوجود ملحوظ في مناطق شمالية عدة، خصوصاً في البترون والكورة. وفي حين لم تعرف نتيجة تلك الوساطات، بدا واضحاً ان الخطوة جاءت تحت ضغط الواقع الصعب انتخابياً، كما لو أنها محاولة استلحاق في الوقت الضائع أو حتى بعد نفاده.
 

عون يستعد
ويبقى التطور الرابع المنتظر، ما يتحدث عنه المطلعون حول خطوة اعلامية مرتقبة من قبل العماد عون، تؤشر الى نقل المعركة بكل أسلحتها الثقيلة الى الساحة الشمالية. فبعد سلسلة الأحاديث التي أدلى بها أركان اللائحتين الحريريتين، يؤكد المطلعون ان عون يحضر للرد المناسب، تماماً كما فعل في معركتي الجبل والبقاع، حيث تدرج في التصعيد الاعلامي في سياق رد الفعل على هجومات خصومه. والأمر نفسه يتوقعه المراقبون شمالاً، من دون استبعاد بعض المفاجآت في مضمون الكلام والمعلومات والملفات، في سياق الدعوة الى التغيير والاصلاح.


آخر المواجهات الانتخابية الشمالية لن تخلو أيضاً من المفاجآت بحسب المطلعين، خصوصاً أنها بدأت بمثلها ورافقتها حتى اللحظة. وليس أقلها أن تكون النائبة نايلة معوض حليفة الرئيس عمر كرامي منذ ثمانية أعوام باتت في جهة مقابلة، فيما كان مرشح التيار الوطني الحر المهندس جبران باسيل يقوم أمس بجولة على الأسواق الطرابلسية، وتحضر زوجته، ابنة العماد عون، للقاءات نسائية في الفيحاء نفسها.
 

مفارقات انتخابية، أم حقائق شمالية؟ الجواب يوم الأحد المقبل.