التوتر يسود شمالاً وتخوّف من مشكلات وترقّب لخطب الجمعة وموقف لكرامي اليوم
طرابلس تواجه معارك الحشود وتصويتها يحسم الغالبية
الحريري أمام عشرات الألوف: نحن 14 آذار وهم 14 شباط

 

 

السفير 17 حزيران 2005

 

فتحت طرابلس أمس الباب واسعاً أمام أعنف حملات انتخابية يشهدها لبنان منذ فترة طويلة. ونظم تيار <<المستقبل>> أكبر استعراض للقوة له، لم يسبق لعاصمة الشمال أن شهدته سابقاً، ما دفع بالخصوم المنضوين في اللائحة المضادة أو المقاطعين الى استنفار طاقاتهم لمواجهة احتمال قوي، يقول باكتساح اللائحة المدعومة من سعد الحريري و<<القوات اللبنانية>> لمقاعد دائرتي الشمال ال28.

 
في هذه الأثناء، واصل النائب وليد جنبلاط والعماد ميشال عون <<السجال الوقائي>> الخاص بمرحلة ما بعد الانتخابات، حيث يفترض أن يشهد الأسبوع المقبل مجموعة خطوات على صلة بهذا الأمر، بعدما عقد مجلس الوزراء أمس آخر جلساته، قبل أن يقدم الرئيس نجيب ميقاتي استقالته مطلع الأسبوع المقبل، حيث ستتم الدعوة لعقد جلسة نيابية قبل نهاية الشهر الحالي، لانتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي وهيئة مكتبه، والشروع في عملية تأليف الحكومة.

 
وإذا كان الجميع ينتظر من انتخابات الأحد تحديد وجهة الغالبية النيابية، فإن الكلام والعناوين التي ظهرت في الحملات الانتخابية، تعكس احتدام المعركة السياسية لاحقاً ولا تكتفي بتعبئة الجمهور استعداداً لمواجهة يتوقع أن تحشد أعلى نسبة من الناخبين في لبنان.

 
وقد ارتفعت درجة السخونة الانتخابية في دائرتي الشمال الأولى والثانية لتنتج في غضون ساعات عدداً من الاشكالات المتنقلة، خصوصاً في الدائرة الثانية على هامش المهرجان الانتخابي ل<<لائحة المصالحة والإصلاح>> الذي أقيم مساء أمس قرب معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، والذي غابت عنه أعلام <<القوات اللبنانية>> بعد أن حصلت إشكالات عديدة مع أنصارها الذين كانوا متوجهين للمشاركة في المهرجان.


في غضون ذلك، استمرت تحضيرات معارك الشمال أسيرة الإسقاطات السياسية اللبنانية، وبات اللاعبون الكبار يتحكمون بمسار هذه الانتخابات التي خرجت من أيدي لاعبيها المحليين الذين حاولوا أمس استعادة زمام المبادرة في الدائرتين، عبر انتقال اللوائح المواجهة ل<<تيار المستقبل>> الى الهجوم من الدفاع الذي كانت محكومة فيه أمام الاكتساح الإعلامي وفي الشارع للوائح <<المستقبل>> والذي ساهمت فيه إقامة النائب المنتخب سعد الحريري خلال الأيام الماضية، والتي يرجح ان تنتهي اليوم، في مدينة طرابلس.

 
لكن اللافت أمس كان موقف عضو <<لائحة قرار الشعب>> في الدائرة الثانية النائب السابق أحمد كرامي الذي خرج من المستشفى ليدعو ماكينته الى <<مواجهة الغزو الذي تتعرض له مدينة طرابلس، والى استعادة أبناء المدينة قرارهم>>.

 
أما في الدائرة الأولى فقد شن أعضاء <<لائحة الإرادة الشعبية>> هجوماً عنيفاً على <<تيار المستقبل>> واتهموه بأنه يستخدم المال السياسي في المعركة الانتخابية عبر اعتماد آلاف المندوبين، وكذلك بالتحريض الطائفي.

 
وأوحت المؤشرات الميدانية للساحة الانتخابية في دائرتي الشمال بوجود انقسام عمودي في أوساط الناخبين على قاعدة الفرز الطائفي الذي بات سمة معارك الشمال، نظراً لحجم الفرز السياسي الطائفي في كل منطقة من الدائرتين، وتموضع القوى المؤثرة في الشارعين تحت المظلة القادرة على حماية مواقعها وحضورها.

 
وإذا كانت معارك الشمال قد خرجت من سياقها التقليدي المحلي لتدخل في نفق التجاذبات الكبيرة حول مستقبل مجلس النواب وتوازن القوى فيه لتصبح معارك الشمال ونتائجها مفتاح المعارك المقبلة على مستوى لبنان، فإن اللاعبين الكبار فيها استطاعوا <<خطف>> زمام المبادرة من اللاعبين المحليين.

 

الحريري
وقد خاطب الحريري الحشود في مهرجان <<لائحة المصالحة والاصلاح>> قائلا: <<يوم الأحد ارفعوا أصواتكم، اجعلوا من أصواتكم خطاً للدفاع عن وحدة لبنان، قولوا لا وألف لا للنظام المخابراتي، ولأنظمة الوصاية على طرابلس وعلى الشمال وعلى لبنان>>. وانتقد اللائحة المنافسة وقال: <<نحن الضحية وهم الجلادون، نحن دم الشهيد وهم القتلة، نحن أهل الخير وهم بنك المدينة، نحن حماة الأرض وهم الكسارات، نحن النزاهة وهم الكازينو، نحن الكفاءة وهم البينغو، نحن ألواح المدارس وهم لوحات السيارات، نحن الاستقلال وهم الوصاية، نحن السيادة وهم التبعية، نحن الحرية وهم السجون، نحن الديموقراطية وهم 7 آب، نحن العيش المشترك وهم القتل والارهاب، نحن الطائف وهم الطائفية، نحن 14 آذار وهم 14 شباط>>.

 
الى ذلك، أبدى مرشحون من الجانبين، ومراقبون تخوفاً من حصول توترات في ظل عملية الشحن القائمة، ولفت هؤلاء الى معارك قاسية تتركز في الشارع السني. ولفت هؤلاء الى أهمية مراقبة ما سوف يحصل اليوم من خطوات، بينها خطب الجمعة التي سوف تتناول العملية الانتخابية، وقيام كرامي بخطوة عملية لدعم لائحة فرنجية عون، واستعداد هؤلاء لتنظيم مهرجان بالمناسبة، والخشية من مواجهات إضافية بسبب التوتر الموجود في الشارع.

 
وتحدث أعضاء في لائحة <<المصالحة والاصلاح>> عن <<ارتياح كبير>> الى واقع التصويت، وتوقع هؤلاء فوزاً كاملاً وبكل المقاعد، وقال مرشحون مسيحيون على هذه اللائحة إن الاستنفار الذي يقوده العماد عون، وانعكاسات انتخابات جبل لبنان، بدأت تنعكس استنفاراً كبيراً في الشارع السني. وقد عبر مسؤولون في الجماعة الإسلامية عن قلقهم من حصول مشكلات كبيرة إذا لم يجر تدارك الاستنفار القائم.
 

أما أعضاء اللائحة المنافسة، فقد أشاروا الى أن جهودهم سوف تثمر توازناً ما يقود الى صعوبة أن يفور فريق واحد بكل المقاعد. وحمل هؤلاء على ماكينة الحريري واتهموا أعضاء فيها باستخدام المال لحشد الناخبين في عكار وطرابلس على حد سواء.
 

الجماعة الإسلامية
في هذه الاثناء استقبل الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ فيصل مولوي في مركز الجماعة في عائشة بكار وفداً من <<التيار الوطني الحر>> برئاسة النائب المنتخب ابراهيم كنعان، وقد تركز البحث حول الشأن الانتخابي، وقال بيان للجماعة <<انه جرى التشديد في اللقاء على أن يكون الخطاب الوطني اللاطائفي هو الذي يحكم العملية الانتخابية، وأهمية الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني. ونؤكد ثباتنا في موقفنا المقاطع لهذه الانتخابات جراء التدخل الخارجي السافر وطوفان المال السياسي، لكننا نترك في المقابل للأصدقاء والأنصار حرية الاختيار>>.
 

كرامي
من جانبه، حض الرئيس عمر كرامي أنصاره في المدينة على التفاعل مع الاستحقاق الانتخابي. وقالت مصادر قريبة منه انه يدعم الاقتراع لمصلحة الفريق المخاصم للائحة الحريري، وانه أعطى التعليمات لماكينته الانتخابية للعمل وفق هذا الموقف والتنسيق مع الماكينات الانتخابية للنائب سليمان فرنجية والتيار الوطني الحر. وقالت المصادر إن عدداً غير قليل من الشخصيات الطرابلسية التي تعترض على طريقة إدارة فريق الحريري للمعركة الانتخابية تسير في هذا الاتجاه.
 

الحكومة
من جهة ثانية، عقد مجلس الوزراء أمس جلسته الأخيرة قبل اكتمال العملية الانتخابية، وحيث يفترض أن تعتبر الحكومة مستقيلة حكماً بعد إعلان وزير الداخلية الاثنين نتائج انتخابات الشمال، وإرسال قائمة بأعضاء مجلس النواب الجديد الى رئاسة المجلس النيابي.
وعلم أن الرئيس ميقاتي سوف يتابع تصريف الأعمال لفترة قصيرة، حيث يتوقع أن يدعو النائب المنتخب ادمون نعيم، باعتباره رئيس السن في المجلس الجديد، الى جلسة لانتخاب رئيس مجلس جديد ونائب له وهيئة المكتب، قبل الشروع في الإعداد لتشكيل الحكومة الجديدة.
 

جنبلاط عون
وفي الوقت الذي أعلن فيه نقيب المحامين السابق شكيب قرطباوي شروعه بإعداد قائمة ملاحظات حول العملية الانتخابية في دائرة بعبدا عاليه، تمهيداً لاتخاذ قرار الطعن أو عدمه، تواصل السجال السياسي بين العماد عون والنائب وليد جنبلاط الذي سأل: <<الى أين سوف تسير تسونامي>> وقال بعد زيارتين الى السيد محمد حسين فضل الله ونسيب لحود <<إن كلام عون عن سلاح المقاومة يعكس استدراج عروض من قبله للعالم الغربي>> مكرراً موقفه من تقييم العملية الانتخابية.

 
أما عون فقد سأل عن سبب اتجاهات جنبلاط السياسية هذه، وقال انه شخص <<يميل الى الانعزال وأخذ الدروز جانباً، وهو يعطي لنفسه أدواراً وطنية وإقليمية وعالمية ولكنه يعود ليحصر مطالبه بقضايا ثانوية وغير وطنية>>. وكرر عون إشارته الى أن <<حزب الله>> ارتكب الخطأ الاستراتيجي بما فعله في انتخابات بعبدا عاليه.